أخبار وطنية رسالة مفتوحة إلى القاضي السـيــد لطفـي بـن جـدو
بقلم: محمد المنصف بن مراد
لا جدال في أنّ الظروف الأمنية تحسّنت بعد تعيينك وزيرا للدّاخلية وذلك مقارنة بفترة الوزير علي العريض الذي برهن أنّه غير كفء ومنحاز ومتساهل مع العنف وانتشار الأسلحة و«أفعال» لجان «حماية» الثورة، إضافة الى قلّة حزمه مع أنصار الشّريعة..
لقد كانت «ولايته» كارثية على تونس وها نحن اليوم نجني عدم جدّية حكومة حمادي الجبالي وخليفته العريض في التصدّي بكلّ صرامة للإرهاب المقنّع بالدّين... فمقارنة بالماضي تحسّن الوضع الأمني لكن في الوقت نفسه قتل الشهيد محمد البراهمي وكذلك جنود وأعوان حرس وأمنيون وبات الارهاب في صدارة مشاكلنا، ممّا عطّل إنعاش الاقتصاد وطمأنة المواطن..
وبما أنّني من أبناء الشعب وغيور على تونس سأصارحك ببعض الأفكار التي تخامر أذهان التونسيين.
منذ أشهر تفاقم الارهاب، والثّابت انّه سيكون أعنف في الأسابيع والأشهر القادمة، فهل تعتقد انّ تكوينك القانوني والقضائي كاف لتتّخذ أحسن القرارات لإنقاذ بلادنا من الطاعون الأسود؟ بصراحة لا أتصوّر ذلك لأنّك تفتقر للخبرة وفي تقديري الخاصّ فإنّ السيد رضا صفر الوزير المكلّف بالأمن أقدر منك على التصدّي للارهاب وشنّ حرب استباقيّة عليه.. لقد وقع «تغيبب» السيد صفر من السّاحة منذ تعيينه ويبدو أنك مصرّ على الاستحواذ على الملفّ الأمني رغم أنّ مؤهّلاتك لا تسمح لك بكسير شوكة الارهاب.. فتكوينك القانوني غير كاف وحده لإيقاف فيالق الاغتيال والعنف، وأنا أطالبك انطلاقا من حبّي لمدينة حمام الأنف التي ولدت فيها ومن حبّك لمدينة القصرين أرض السّباسب التي ولدت أنت فيها ، وانطلاقا من حبّي لكلّ حبّة من تراب هذا البلد العزيز بأن تتخلّى عن الملف الأمني لفائدة السيد رضا صفر.. وإذا كنت ترفض ذلك وتعتبر انّ من حقّك مواصلة الاحتفاظ بهذا الملفّ فذلك أمر في منتهى الغرابة ويشكّل خطرا على تونس.. وممّا لا يرقى إليه أيّ شكّ هو أنّ بعض التحسّن طرأ على أداء وزارة الداخلية ، لكن المرحلة المقبلة تحتاج إلى إرادة سياسيّة من فولاذ وإلى خبرة كبيرة لمكافحة هذا الوباء الجديد.. ولوحدة وطنيّة غير مزيّفة..
.. انّ أكبر خطأ هو أن تجعل وزير الداخلية المكلف بالأمن وزيرا من «كرتون» فرضه عليك السيد مهدي جمعة الوزير الأوّل والرّباعي، ولكن بفضل بعض مسانديك السياسيين يمكنك «رفت» السيد رضا صفر الذي لا أعرفه ولم أقابله ولم أتحدّث إليه أبدا.. انّ السياسة الأمنية بحاجة الى تغييرات جذرية إذا أردنا انقاذ البلاد والعباد..
أمّا الموضوع الثاني فيتعلّق بتشبّثك الغريب والمثير لأكثر من نقطة استفهام بمديرين أمنيين تشكّك بعض الأطر والنّقابيين الأمنيين وبعض الأحزاب والشخصيات في حيادهم السياسي وفي خدمة الوطن قبل خدمة أيّ حزب.. انّي لا شكّ ولو قيد أنملة في وطنيّتهم لكن من حقي أن أتساءل عن صدق إرادة بعض المديرين المركزيين والجهويين وحتى رؤساء المناطق الذين قد يعتبرون انّ خدمة الأحزاب ستغسل ذنوبهم الماضية، علما انّ أغلب رجالات الدولة وأغلبيّة الإطارات والإعلاميين كانوا في خدمة رئيس وعائلات فاسدين! لكن اليوم نريد انهاء «دولة الحزب».. فهناك أطر شابّة ومتكوّنة أكاديميّا وميدانيّا يمكن أن تضطلع بهذه المهامّ ولن تترك دار لقمان على حالها، وفي غياب أيّ تغيير في هذه الإدارات فمن حقّنا أن نتساءل عن حيادك السياسي وعن قدرة وزارة الداخلية على التصدّي للارهاب! وبكلّ صراحة إذا لم تتوفّر إرادة أمنية وسياسية صارمة لمواجهة الارهاب والعنف والميليشيات فإنّ تونس ستصبح بلاد الموت والدّمار بعد أن كانت بلاد الفرحة وفي الآن نفسه بلاد الفساد! فلا يوجد حزب أو شخصية أهمّ من مصلحة تونس!
وعلى صعيد آخر هناك تساؤلات عديدة خاصّة ببعض الثغرات الأمنية مثل وثيقة المخابرات الأمريكيّة التي كشفت مسبقا عمليّة اغتيال الشّهيد محمد البراهمي والتي أهملتها وزراة الدّاخلية، وكان عليك نتيجة لذلك أن تستقيل بعد إقالة معظم المديرين العامّين، كما أذكّرك بالفرار الغريب لبعض الارهابيين من منازلهم قبل مداهمتها من قبل بعض أعوان الأمن و«تبخّر» بعض الوثائق الهامّة فضلا عن عدم حزمك في التنديد بما تفعله أقلية من القضاة الذين يطلقون سراح بعض المورّطين في العنف والارهاب في حين انّ وزارتك تؤكّد انّها ألقت عليهم القبض وبحوزتها دلائل الإدانة، كما انّ هناك نقاط استفهام تخصّ الانتدابات والمكوّنين و«الترقيات» والإذن بعدم التدخّل والحال أنّ بعض الارهابيين كانوا على وشك الإيقاف!!
وبما انّ مستقبل الشعب التونسي مرتبط بصلابة الأمن وخدمة الجمهورية وبحياد الولاة وكل المسؤولين الأمنيين، فانّي أنصحك بصفتك أخا لي في الوطن والتاريخ وضمانا لمستقبل أبناء هذا الشعب وأبنائك وأبنائي بالتخلي عن ملف الأمن لفائدة السيد رضا صفر والاّ الاستقالة!
فمستقبل تونس أهمّ بكثير من مستقبلك ومستقبلي... وتاريخ تونس الذي يعود إلى 3000 سنة خلت يذكّرنا بذلك..